الرجل الذي لم يضحك
قصة الرجل الذي لم يضحك حتى مات
في رحلة جميلة بين الواقع والخيال كان هناك شاب مليح القسمات يسمى شاهبور ، مات والده الغني الذي كان يمتلك الخدم والحشم وترك له الكثير من الأموال والأطيان ، لكن شاهبور أخذ يسرف في صرف المال يمينًا ويسارا على كل الملذات من خمرٍ ونساءٍ ، وطربٍ وغناءٍ وحفلات ليل نهار دون عمل وشقاء .
وبعد مرور عام ونصف نفذت كل الأموال وباع شاهبور كل الأطيان على ملذاته وشهواته ، وأصبح فقيرًا معدمًا وتخلى عنه الجميع ، وهنا فقط بدأ يبحث عن العمل ولكنه لم يستطع العمل لأن الكل رفضه بسبب عدم إجادته أي نوع من أنواع العمل ، فجلس تحت شجرة على الطريق وحيدًا حزينًا ، فمر عليه شيخًا كبيرًا ونظر إليه ثم قال : يا بني يبدو أنك حزينًا ووحيدًا ويبدو أنك ابن مال وجاه ، فلماذا تجلس هكذا ؟
قال شاهبور : لقد نفذ القضاء وزال المال والجاه وأصبحت هكذا بلا مال ولا سلطان ، ثم أكمل قائلًا : هل أجد عنك عمل أعيش منه ؟ فقال الشيخ الكبير أنا لدي عشرة شيوخ كبار مثلي نعيش بدار واحدة وليس لدينا من يخدمنا فمن الممكن أن تقوم على خدمتنا ، وافق شاهبور على كلام الشيخ العجوز .
فأكمل الشيخ الكبير حديثه قائلًا : لكن هذا بشرط أساسي وهو أن تكون كاتمًا لسرنا وإذا رأيتنا نبكي لا تسألنا عن سبب بكائنا أبدًا ، وستأخذ الكثير من الدراهم والخير الكثير ، فوافق شاهبور وذهب معه لتلك الدار، وقبل أن يدخل إليها اصطحبه الشيخ وأعطاه لباس جميل من القماش ليلبسه ثم دخل معه تلك الدار ، ولما دخل الشاب الدار وجدها عالية البنيان واسعة وبها قاعات متقابلة ، وكلها مزينة بالطيور والماء وبها شبابيك تطل على بستان جميل .
ثم أدخله الشيخ بعدها إلى غرفة كبيرة بها عشرة شيوخ كبار ، وكانت تلك الغرفة مزينة بالرخام المزخرف وسقفها منقوشًا بالذهب والأرض بها سجاد من الحرير ، وكل الشيوخ الذين يجلسون بها يلبسون ثيابًا سوداء وينتحبون ويبكون فتعجب شاهبور من أمرهم ، وكاد أن يسأل الشيخ الكبير لكنه تذكر شروطه بعدم السؤال .
وسلم الشيخ لشاهبور أربعين ألف دينار كي ينفقها على متطلبات البيت وعلى نفسه أيضًا ، فقال شاهبور سمعًا وطاعًة ، وظل الشاب ينفق تلك الأموال عليهم حتى مرت الأسابيع والشهور ، ثم مات واحد من الشيوخ فأخذه أصحابه وغسلوه وكفنوه ودفنوه خلف الدار ، وبعدها بدئوا يموتون واحدً تلو الأخر حتى بقي الشيخ الذي أتي به .
واستمر شاهبور في خدمته عدة سنين إلى أن مرض واقترب الموت من الشيخ ، فسأله شاهبور أريد أن أعرف سركم قبل أن تموت ، فقال له الشيخ لم أكن أريدك أن تسأل ثم قال له يا ولدي لا أريدك أن تفتح هذا الباب فيحدث لك ما حدث لنا ، ثم مات الشيخ ودفنه الشاب شاهبور ، وبعد فترة أراد أن يعرف سر هذا الباب فقام بفتحه ودخل إلى طرق ضيقة وعندما خرج منة التقطه عقابًا كبيرًا جدًا وطار به ثم ألقاه على جزيرة بعيده .
ولم يستطع الشاب الخروج من تلك الجزيرة فنام ليلته من شدة التعب في البحث عن أي مركب ينقله من على تلك الجزيرة النائية ، ولكنه لم يجد على الجزيرة شيء وفي الصباح وهو جالس على الشاطئ رأى مركبًا به عشر جواري حسان ، نزلوا إليه وقالوا له أنت العريس الملك ثم أخذوه إلى جزيرة جميلة وقابلته هناك جارية جميلة كالبدر كانت تحمل بيدها تاج من الذهب مرصع بالياقوت والمرجان .
وألبسته التاج وعندما وصل إلى منزل جميل بالجزيرة ، وجد كثير من الجنود وهم جميعهم من النساء ، وكان هناك الملك الذي يمتطي حصانًا أبيضًا جميلًا ، نزل الملك من على حصانه وقال له : أنت ضيفي ودخلا الاثنين القصر الجميل معًا ثم كشف الملك عن وجهه ، فوجدها فتاة غاية في الجمال والرقة ثم قالت له أن كل وزرائي وجنودي من النساء والرجال هم من يعملون بالحقل وعرضت عليه الزواج .
فرح شاهبور كثيرًا فقد كان يتمني ذلك من كل قلبه ، فقام وقبل جبينها ويديها وقبل الزواج منها ، ثم قالت له كل شيء بالجزيرة ملكك ولكن لا تفتح هذا الباب أبدًا ، وعاش معها سنين بسعادة لم يتخيلها أبدا لكنه أراد أن يعرف سر الباب المغلق .
فقام بفتحه ثم دخل إلى سرداب طويل وحينما خرج وجد نفس العقاب الذي حمله في المرة الأولى ، فحمله العقاب ثانيةً ورماه بدار الشيخ الكبير ، وهنا علم الشاب بسر بكاء الشيوخ العشرة العجائز ، فظل هذا الشاب يبكي على ما فقده بسبب فضوله ولم يضحك أبدًا حتى مات .
القصة من مجموعة ألف ليلة وليلة
ليست هناك تعليقات: